يوم في حياة صائم
صفحة 1 من اصل 1
يوم في حياة صائم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه. [ متفق عليه: اللؤلؤ والمرجان (435) ]. وقال صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه. [ متفق عليه: البخاري (1901)، ومسلم (760) ]. قال الخطابي: " قوله: إيمانا واحتسابا، أي: نية وعزيمة، وهو أن يصومه على التصديق والرغبة في ثوابه، طيبة به نفسه، غير كاره له، ولا مستثقلٍ لصيامه، ولا مستطيلٍ لأيامه، لكن يغتنم طول أيامه لعظم ثوابه ". وقال البغوي: " قوله: ( احتسابا ): أي طلبا لوجه الله تعالى وثوابه، يقال: فلان محتسب الأخبار، ويتحسبها، أي: يتطلبها ". [ صحيح الترغيب والترهيب، 1/582 ]. وقال محمد صالح العثيمين: ومعنى قوله: ( إيمانا ): أي إيمانا بالله وبما اعده الله من الثواب للقائمين. ومعنى قوله: ( احتسابا ): أي طلبا لثواب الله لم يحمله على ذلك رياءً ولا سمعة. [ مجالس شهر رمضان، 20 ].
في هذين الحديثين فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قيام الليل، وهو عبادة ليلية، وبين صيام رمضان، وهو عبادة نهارية. وكأنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يلفت انتباهنا إلى ضرورة اغتنام ليل رمضان ونهاره. فما هي أفضل الأعمال التي يمكن للمسلم أن يغتنمها في شهر رمضان، حتى يخرج منه بأكبر قدر ممكن من الحسنات؟! هيا بنا نتعرف على أهم تلك الأعمال، ونقسّمها إلى أعمال ليلية وأعمال نهارية. وحاول ألا تقوم بعمل طاعة إلا بعد أن تعرف فضله، حتى تستشعر ذلك عند أدائه، فتؤديه بقلبك فلا يكون مجرد حركات ببغائية لا تستفيد منها بشيء.
تنبيهات
• لا يلزم التقيد بما جاء في البرنامج أدناه، بل الأفضل أن تُدخل التغييرات عليه وفقا لقدرتك وطاقتك، حتى يتحقق منه أقصى استفادة ممكنة.
• هناك ثلاث أوقات ثمينة للغاية، ولكن للأسف يكثر التفريط فيها. هذه الأوقات هي: أول ساعة من النهار ( بعد صلاة الفجر )، والتي غالبا ما تضيع بالنوم. وآخر ساعة من النهار قبل المغرب، وغالبا ما تضيع بالانشغال في إعداد طعام الفطور والتهيؤ له. ووقت السحر، الذي يضيع ما بين النوم أو طول الانشغال بطعام السحور. بينما هذه الأوقات تكون أوقات السير إلى الله بالطاعات.
• إياك وكثرة النوم في رمضان، فكما يقول شداد بن أوس: كنا لا نعرف النوم في رمضان. وكثرة النوم – كما يقول ابن القيم – يميت القلب، ويثقل البدن، ويضيع الوقت، ويورث كثرة الغفلة والكسل ... وأنفع النوم: ما كان عند شدة الحاجة إليه. ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره. ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه. وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه، وكثر ضرره، لاسيما نوم العصر والنوم أول النهار إلا لسهران. ومن المكروه عندهم: النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس. فإنه وقت غنيمة. وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة، حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس. فإنه أول النهار ومفتاحه، ووقت نزول الأرزاق، وحصول القسم، وحلول البركة. ومنه ينشأ النهار، وينسحب حكم جميعه على حكم تلك الحصة. فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر. [ تهذيب مدارج السالكين: 201 ].
• كثير من الأخوات تكون في غاية النشاط إلى أن تأتيها فترة الحيض، فيفتر حماسها تماما، بما لا تستطيع معه مواصلة العمل الدءوب بعد انقطاعه عنها. فعلى الأخت المسلمة أن تحاول مضاعفة أعمال الخير والطاعات المباحة أثناء فترة الحيض. وتحتسب تركها للصيام والصلاة في فترة الحيض، وأنها ما تركت ذلك إلا تعبدا لله، لأنه سبحانه وتعالى أمرها به. وذلك بخلاف ما تحتسبه من أن يُكتب لها من الأجر مثل ما كانت تعمل أيام طهرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما " [ صحيح / صحيح الجامع، 799 ]. ويمكن لها تعويض الصلاة والصيام بأنواع القربات المختلفة، من ذكر الله والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء والصدقة وقراءة الكتب المفيدة والمساهمة في تفطير الصائمين ... وغيرها من أعمال البر. كما يمكنها قراءة تفسير القرآن أو أن تواصل ختمات القرآن التي بدأتها من خلال الاستماع إلى أشرطة المصحف المرتل.
أعمال متكررة
• ترديد الآذان، ثم أذكار ما بعد الآذان. والدعاء بين الآذان والإقامة فهو دعاء لا يرد إن شاء الله، وهو في هذا الوقت من أفضل الأعمال على الإطلاق.
• محاولة انتظار الصلاة في المسجد، فأنت في رباط ما دمت في انتظار الصلاة.
• تلاوة أذكار ما بعد الصلوات، والمكث في مصلاك متطهرا أثناء أداءها، فهذا من مكفرات الذنوب، حتى تستغفر لك الملائكة ( انظر حديث اختصام الملأ الأعلى ).
• المحافظة على تلاوة ربعين من القرآن وقت كل صلاة.
• أذكر الله في أحوالك كلها أثناء الذهاب والإياب من المسجد وإليه، وأثناء الطريق. واحرص على ذكر الأحوال والمناسبات: كالخروج من المنزل أو الدخول إليه، ولبس الثوب، وأذكار النوم والاستيقاظ، وأذكار الطعام والشراب، ودعاء الإفطار ... الخ.
أعمال ليالي رمضان
اعلم أن الفترة ما بين غروب الشمس إلى شروقها تكاد تصل إلى اثنتي عشرة ساعة. فما لم تنتظم هذه الفترة في أعمال محددة، فلن تستفيد منها.
1. انتظار آذان المغرب مع الذكور من أفراد أسرتك في أقرب مسجد لمنزلك، والإلحاح في الدعاء على مسائل محددة. ويستحب التبكير بالإفطار على رطب، فإن لم تجد فعلى تمر ، فإن لم يجد فماء، وذلك متى سمعت الآذان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " [ صحيح / صحيح الجامع، 7694 ]، ثم صلاة المغرب في جماعة.
2. والزوجة تفطر مع بناتها في البيت بعد صلاة المغرب معهن جماعة، ثم ينتظرن رجوع الرجال للإفطار سويا على مائدة واحدة، بعد تلاوة أذكار الطعام. واحتسب الأجر في الأكل بأنك تتقوى به على طاعة الله، ليكون ذلك عبادة وتقرب إلى الله. ولا تنس صلاة ركعتين سنة المغرب بعد تناول طعام الإفطار.
3. عدم الإفراط في طعام الإفطار حتى تستطيع أداء صلاة التراويح، وحبذا لو استطعت تأخير طعام فطورك إلى ما بعد صلاة التراويح.
4. إذا كنت في عزومة مع الأهل أو الأصدقاء، فاستغل هذا الوقت بما ينفع، وذلك بالدعوة إلى دين الله تعالى كلما أمكن، واحرص على أن تأخذ معك تمر لكي يفطر الصائمون عليه.
5. الذهاب مبكرا إلى المسجد لأداء صلاة العشاء. ثم صلاة سنة العشاء ركعتين بعدها. ثم صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف لحديث " من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة " [ صحيح / صحيح سنن الترمذي، 806 ]. فاحرص على أجر قيام ليلة كاملة بتطبيق هذا الحديث، ولا تنصرف قبل الإمام. والمرأة التي ترى نشاطاً من نفسها في القيام في المسجد، فلتصلى التراويح في مصلى النساء: " لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن " [ صحيح / صحيح الجامع، 7458 ]، مع الحرص على الاحتشام ومرافقة الخيرات من النساء، والتيقن بأن بيتها أفضل لها.
6. النساء في البيت تبدأ في مراجعة دروس أولادها بعد صلاة التراويح، واغتنام هذا الوقت في الذكر والاستغفار كلما أمكن.
7. النوم مبكرا مع تلاوة أذكار النوم، واحتسب الأجر في النوم أنه ليعينك على طاعة الله بقيام الليل. وحبذا لو كان النوم قبل الساعة العاشرة، ليكون ذلك عونا على قيام الثلث الأخير من الليل. واحرص على أن تنام متوضئا، وعلى جانبك الأيمن.
8. احرص على اغتنام ليل رمضان بالاستيقاظ قرب جوف الليل، وتلاوة أذكار الاستيقاظ من النوم، والتسوك للبدء في صلاة القيام، وإيقاظ الأهل للصلاة.
9. واعلم أن دقائق الأسحار غالية، فلا تضيعها بالغفلة والانشغال، بل احرص على أن تشغلها بالطاعات. فاحرص على تنويع العبادات خلال هذا الوقت المبارك، ما بين صلاة قيام مع إطالة القراءة فيها بأجزاء كثيرة من القرآن كما كان يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك من حفظك، أو بالقراءة من المصحف إن لم تكن حافظا. والاستغفار لقوله تعالى: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِاْلأَسْحَارِ ﴾ [ آل عمران: 17 ]، والتوبة من جميع الذنوب. والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. والإلحاح في الدعاء، وسؤال الله تعالى من فضله.
10. اصحب من تتوسم فيه أن يشد أزرك طوال شهر رمضان، وحاول أن تقتدي به. مع مراجعة سير الصالحين من الصحابة والتابعين، بقراءة أحوالهم مع قيام الليل ( يراجع كتاب رهبان الليل )، ففي ذلك معين كبير على السير إلى الله.
11. احرص على تناول السحور، مع الحفاظ على أن يكون السحور في آخر وقت قبل الفجر، ثم الخروج إلى صلاة الصبح عقبه.
12. احرص على صلاة ركعتي سنة الفجر في البيت قبل الخروج إلى المسجد، فهاتين الركعتين أفضل من الدنيا وما فيها.
13. صلاة الفجر في جماعة، واستشعر قوله تعالى: ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [ الإسراء: 78 ]. وامكث في مصلاك حتى الشروق ( ويشغل هذا الوقت بترديد أذكار الصباح، أو تلاوة القرآن وحفظه )، ثم صلاة ركعتي الضحى حتى يُكتب لك أجر حجة وعمرة كاملتين.
أعمال نهار رمضان
14. بعد شروق الشمس، إغفاءة خفيفة ( لمدة ربع أو نصف ساعة ) إن لزم الأمر، ثم تجهيز المنزل بمعاونة أفراد الأسرة، وإعداد الأولاد لاستقبال يوم دراسي جديد.
15. إذا كانت المرأة تعمل، فمن الممكن إعداد طعام الإفطار قبل نزولها للعمل.
16. في الطريق إلى العمل احتسب الأجر من الله حتى تؤجر طيلة زمن العمل. واحرص طوال الطريق إلى العمل على ذكر الله أو قراءة جزء من القرآن أو الدعاء. أما إذا كنت تذهب بسيارتك بمفردك، فحاول وضع شريط من المصحف المرتل لسماعه، مع مراعاة التسلسل في أجزائه حتى تتم ختمة للقرآن بهذا الشكل. وإذا كنت تذهب بسيارتك برفقة الزوجة أو صديق، فليقرأ من يجلس بجوارك جزءا بصوت مرتفع.
17. إن لم تكن مكثت في مسجدك بعد صلاة الفجر وصليت صلاة الضحى، فاحرص على صلاتها حتى قبل آذان الظهر، وأقلها ركعتان.
18. احرص في العمل على أن تخلص فيما تؤديه من أعمال، وعلى غض البصر، وتجنب المشاحنات، وتجنب الفحش من الألفاظ. وإذا ما وجدت فرصة فراغ، فاغتنمها بقراءة القرآن، ولا تضيعها بقراءة ما لا يفيد من جرائد أو مجلات.
19. صلاة الظهر في جماعة، مع المحافظة على سننها: ( من صلى قبل الظهر أربعا، وبعدها أربعا، حرّمه الله على النار ) [ صحيح / صحيح الجامع، 6364 ].
20. بالنسبة للذين ليس عندهم أعمال أو دراسة في هذا الوقت، أو في أيام الأجازات: اغتنام الوقت بالاستيقاظ قبيل الساعة التاسعة، وشغل الوقت في مختلف الطاعات: كقراءة القرآن والإكثار منه. ثم مراجعة ما تم حفظه من وردك اليومي من كتاب الله تعالى بعد صلاة الفجر. والقراءة في أحد تفاسير القرآن إلى قرب صلاة الظهر.
21. في طريق العودة إلى البيت، كرر ما فعلته أثناء الذهاب إلى العمل، واحرص خاصة على ذكر الله وقراءة جزء من القرآن والدعاء.
22. احرص على نوم القيلولة ما أمكن.
23. المحافظة على صلاة العصر في جماعة، مع المحافظة على أربع ركعات قبلها لقوله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله امرأًً صلى قبل العصر أربعاً " [ حسن / صحيح الجامع، 3493 ]، وتكون كل ركعتين بتسليمة، وذلك قبل الإقامة لصلاة العصر. ثم المكث في المصلى حتى تتلو أذكار المساء. واعلم أن هذه هي الصلاة الوحيدة التي أمر الله تعالى بالمحافظة على أدائها ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى ﴾ [ البقرة: 238 ].
24. استغلال وقت العصر إما في المكث في المسجد بعد صلاة العصر، وإما مع العائلة تجتمعون على درس يومي بقراءته من أحد الكتب ( في حدود صفحتين يوميا، ويفضل أن يكون في تفسير القرآن )، أو الاجتماع على تلاوة القرآن.
25. وبالنسبة للمرأة تحتسب الأجر أثناء إعداد طعام سريع للإفطار عليه، واستشعار قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من فطَّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً " [ صحيح / صحيح الجامع، 6415 ]، وقوله صلى الله عليه وسلم: " في كل ذات كبد حَرَّي أجر " [ صحيح / صحيح الجامع، 4263 ]، فتعدد نواياها ( إطعام طعام – إفطار صائم – تقوية أهلها على التعبد لله – تنشئة جيل جديد مسلم صحيح الجسم - ... الخ )، واستشعار أن ذلك قربة لله بإخلاص النية واحتساب الأجر فيها. ولا تسرف في هذا الإعداد لتحافظ على وقتها. وأثناء ذلك تقوم بمراجعة ما تحفظه من القرآن مع ملازمة ذكر الله والاستغفار والاستماع إلى أشرطة الدروس الدينية فهذا كله من العبادات.
26. احرص على أن تُفرّغ نفسك من المشاغل قبل المغرب، واغتنم هذه الفترة في الدعاء لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا ترد دعوتهم ... ومنهم: والصائم حتى يفطر " [ صحيح / صحيح سنن ابن ماجه، 1779 ]. ولا تنس المسلمين المستضعفين في كل مكان من الأرض من دعائك، فدعوة المسلم
لأخيه في ظهر الغيب مستجابة، وللداعي مثل ما دعا به لأخيه
في هذين الحديثين فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قيام الليل، وهو عبادة ليلية، وبين صيام رمضان، وهو عبادة نهارية. وكأنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يلفت انتباهنا إلى ضرورة اغتنام ليل رمضان ونهاره. فما هي أفضل الأعمال التي يمكن للمسلم أن يغتنمها في شهر رمضان، حتى يخرج منه بأكبر قدر ممكن من الحسنات؟! هيا بنا نتعرف على أهم تلك الأعمال، ونقسّمها إلى أعمال ليلية وأعمال نهارية. وحاول ألا تقوم بعمل طاعة إلا بعد أن تعرف فضله، حتى تستشعر ذلك عند أدائه، فتؤديه بقلبك فلا يكون مجرد حركات ببغائية لا تستفيد منها بشيء.
تنبيهات
• لا يلزم التقيد بما جاء في البرنامج أدناه، بل الأفضل أن تُدخل التغييرات عليه وفقا لقدرتك وطاقتك، حتى يتحقق منه أقصى استفادة ممكنة.
• هناك ثلاث أوقات ثمينة للغاية، ولكن للأسف يكثر التفريط فيها. هذه الأوقات هي: أول ساعة من النهار ( بعد صلاة الفجر )، والتي غالبا ما تضيع بالنوم. وآخر ساعة من النهار قبل المغرب، وغالبا ما تضيع بالانشغال في إعداد طعام الفطور والتهيؤ له. ووقت السحر، الذي يضيع ما بين النوم أو طول الانشغال بطعام السحور. بينما هذه الأوقات تكون أوقات السير إلى الله بالطاعات.
• إياك وكثرة النوم في رمضان، فكما يقول شداد بن أوس: كنا لا نعرف النوم في رمضان. وكثرة النوم – كما يقول ابن القيم – يميت القلب، ويثقل البدن، ويضيع الوقت، ويورث كثرة الغفلة والكسل ... وأنفع النوم: ما كان عند شدة الحاجة إليه. ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره. ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه. وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه، وكثر ضرره، لاسيما نوم العصر والنوم أول النهار إلا لسهران. ومن المكروه عندهم: النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس. فإنه وقت غنيمة. وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة، حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس. فإنه أول النهار ومفتاحه، ووقت نزول الأرزاق، وحصول القسم، وحلول البركة. ومنه ينشأ النهار، وينسحب حكم جميعه على حكم تلك الحصة. فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر. [ تهذيب مدارج السالكين: 201 ].
• كثير من الأخوات تكون في غاية النشاط إلى أن تأتيها فترة الحيض، فيفتر حماسها تماما، بما لا تستطيع معه مواصلة العمل الدءوب بعد انقطاعه عنها. فعلى الأخت المسلمة أن تحاول مضاعفة أعمال الخير والطاعات المباحة أثناء فترة الحيض. وتحتسب تركها للصيام والصلاة في فترة الحيض، وأنها ما تركت ذلك إلا تعبدا لله، لأنه سبحانه وتعالى أمرها به. وذلك بخلاف ما تحتسبه من أن يُكتب لها من الأجر مثل ما كانت تعمل أيام طهرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما " [ صحيح / صحيح الجامع، 799 ]. ويمكن لها تعويض الصلاة والصيام بأنواع القربات المختلفة، من ذكر الله والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء والصدقة وقراءة الكتب المفيدة والمساهمة في تفطير الصائمين ... وغيرها من أعمال البر. كما يمكنها قراءة تفسير القرآن أو أن تواصل ختمات القرآن التي بدأتها من خلال الاستماع إلى أشرطة المصحف المرتل.
أعمال متكررة
• ترديد الآذان، ثم أذكار ما بعد الآذان. والدعاء بين الآذان والإقامة فهو دعاء لا يرد إن شاء الله، وهو في هذا الوقت من أفضل الأعمال على الإطلاق.
• محاولة انتظار الصلاة في المسجد، فأنت في رباط ما دمت في انتظار الصلاة.
• تلاوة أذكار ما بعد الصلوات، والمكث في مصلاك متطهرا أثناء أداءها، فهذا من مكفرات الذنوب، حتى تستغفر لك الملائكة ( انظر حديث اختصام الملأ الأعلى ).
• المحافظة على تلاوة ربعين من القرآن وقت كل صلاة.
• أذكر الله في أحوالك كلها أثناء الذهاب والإياب من المسجد وإليه، وأثناء الطريق. واحرص على ذكر الأحوال والمناسبات: كالخروج من المنزل أو الدخول إليه، ولبس الثوب، وأذكار النوم والاستيقاظ، وأذكار الطعام والشراب، ودعاء الإفطار ... الخ.
أعمال ليالي رمضان
اعلم أن الفترة ما بين غروب الشمس إلى شروقها تكاد تصل إلى اثنتي عشرة ساعة. فما لم تنتظم هذه الفترة في أعمال محددة، فلن تستفيد منها.
1. انتظار آذان المغرب مع الذكور من أفراد أسرتك في أقرب مسجد لمنزلك، والإلحاح في الدعاء على مسائل محددة. ويستحب التبكير بالإفطار على رطب، فإن لم تجد فعلى تمر ، فإن لم يجد فماء، وذلك متى سمعت الآذان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " [ صحيح / صحيح الجامع، 7694 ]، ثم صلاة المغرب في جماعة.
2. والزوجة تفطر مع بناتها في البيت بعد صلاة المغرب معهن جماعة، ثم ينتظرن رجوع الرجال للإفطار سويا على مائدة واحدة، بعد تلاوة أذكار الطعام. واحتسب الأجر في الأكل بأنك تتقوى به على طاعة الله، ليكون ذلك عبادة وتقرب إلى الله. ولا تنس صلاة ركعتين سنة المغرب بعد تناول طعام الإفطار.
3. عدم الإفراط في طعام الإفطار حتى تستطيع أداء صلاة التراويح، وحبذا لو استطعت تأخير طعام فطورك إلى ما بعد صلاة التراويح.
4. إذا كنت في عزومة مع الأهل أو الأصدقاء، فاستغل هذا الوقت بما ينفع، وذلك بالدعوة إلى دين الله تعالى كلما أمكن، واحرص على أن تأخذ معك تمر لكي يفطر الصائمون عليه.
5. الذهاب مبكرا إلى المسجد لأداء صلاة العشاء. ثم صلاة سنة العشاء ركعتين بعدها. ثم صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف لحديث " من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة " [ صحيح / صحيح سنن الترمذي، 806 ]. فاحرص على أجر قيام ليلة كاملة بتطبيق هذا الحديث، ولا تنصرف قبل الإمام. والمرأة التي ترى نشاطاً من نفسها في القيام في المسجد، فلتصلى التراويح في مصلى النساء: " لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن " [ صحيح / صحيح الجامع، 7458 ]، مع الحرص على الاحتشام ومرافقة الخيرات من النساء، والتيقن بأن بيتها أفضل لها.
6. النساء في البيت تبدأ في مراجعة دروس أولادها بعد صلاة التراويح، واغتنام هذا الوقت في الذكر والاستغفار كلما أمكن.
7. النوم مبكرا مع تلاوة أذكار النوم، واحتسب الأجر في النوم أنه ليعينك على طاعة الله بقيام الليل. وحبذا لو كان النوم قبل الساعة العاشرة، ليكون ذلك عونا على قيام الثلث الأخير من الليل. واحرص على أن تنام متوضئا، وعلى جانبك الأيمن.
8. احرص على اغتنام ليل رمضان بالاستيقاظ قرب جوف الليل، وتلاوة أذكار الاستيقاظ من النوم، والتسوك للبدء في صلاة القيام، وإيقاظ الأهل للصلاة.
9. واعلم أن دقائق الأسحار غالية، فلا تضيعها بالغفلة والانشغال، بل احرص على أن تشغلها بالطاعات. فاحرص على تنويع العبادات خلال هذا الوقت المبارك، ما بين صلاة قيام مع إطالة القراءة فيها بأجزاء كثيرة من القرآن كما كان يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك من حفظك، أو بالقراءة من المصحف إن لم تكن حافظا. والاستغفار لقوله تعالى: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِاْلأَسْحَارِ ﴾ [ آل عمران: 17 ]، والتوبة من جميع الذنوب. والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. والإلحاح في الدعاء، وسؤال الله تعالى من فضله.
10. اصحب من تتوسم فيه أن يشد أزرك طوال شهر رمضان، وحاول أن تقتدي به. مع مراجعة سير الصالحين من الصحابة والتابعين، بقراءة أحوالهم مع قيام الليل ( يراجع كتاب رهبان الليل )، ففي ذلك معين كبير على السير إلى الله.
11. احرص على تناول السحور، مع الحفاظ على أن يكون السحور في آخر وقت قبل الفجر، ثم الخروج إلى صلاة الصبح عقبه.
12. احرص على صلاة ركعتي سنة الفجر في البيت قبل الخروج إلى المسجد، فهاتين الركعتين أفضل من الدنيا وما فيها.
13. صلاة الفجر في جماعة، واستشعر قوله تعالى: ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [ الإسراء: 78 ]. وامكث في مصلاك حتى الشروق ( ويشغل هذا الوقت بترديد أذكار الصباح، أو تلاوة القرآن وحفظه )، ثم صلاة ركعتي الضحى حتى يُكتب لك أجر حجة وعمرة كاملتين.
أعمال نهار رمضان
14. بعد شروق الشمس، إغفاءة خفيفة ( لمدة ربع أو نصف ساعة ) إن لزم الأمر، ثم تجهيز المنزل بمعاونة أفراد الأسرة، وإعداد الأولاد لاستقبال يوم دراسي جديد.
15. إذا كانت المرأة تعمل، فمن الممكن إعداد طعام الإفطار قبل نزولها للعمل.
16. في الطريق إلى العمل احتسب الأجر من الله حتى تؤجر طيلة زمن العمل. واحرص طوال الطريق إلى العمل على ذكر الله أو قراءة جزء من القرآن أو الدعاء. أما إذا كنت تذهب بسيارتك بمفردك، فحاول وضع شريط من المصحف المرتل لسماعه، مع مراعاة التسلسل في أجزائه حتى تتم ختمة للقرآن بهذا الشكل. وإذا كنت تذهب بسيارتك برفقة الزوجة أو صديق، فليقرأ من يجلس بجوارك جزءا بصوت مرتفع.
17. إن لم تكن مكثت في مسجدك بعد صلاة الفجر وصليت صلاة الضحى، فاحرص على صلاتها حتى قبل آذان الظهر، وأقلها ركعتان.
18. احرص في العمل على أن تخلص فيما تؤديه من أعمال، وعلى غض البصر، وتجنب المشاحنات، وتجنب الفحش من الألفاظ. وإذا ما وجدت فرصة فراغ، فاغتنمها بقراءة القرآن، ولا تضيعها بقراءة ما لا يفيد من جرائد أو مجلات.
19. صلاة الظهر في جماعة، مع المحافظة على سننها: ( من صلى قبل الظهر أربعا، وبعدها أربعا، حرّمه الله على النار ) [ صحيح / صحيح الجامع، 6364 ].
20. بالنسبة للذين ليس عندهم أعمال أو دراسة في هذا الوقت، أو في أيام الأجازات: اغتنام الوقت بالاستيقاظ قبيل الساعة التاسعة، وشغل الوقت في مختلف الطاعات: كقراءة القرآن والإكثار منه. ثم مراجعة ما تم حفظه من وردك اليومي من كتاب الله تعالى بعد صلاة الفجر. والقراءة في أحد تفاسير القرآن إلى قرب صلاة الظهر.
21. في طريق العودة إلى البيت، كرر ما فعلته أثناء الذهاب إلى العمل، واحرص خاصة على ذكر الله وقراءة جزء من القرآن والدعاء.
22. احرص على نوم القيلولة ما أمكن.
23. المحافظة على صلاة العصر في جماعة، مع المحافظة على أربع ركعات قبلها لقوله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله امرأًً صلى قبل العصر أربعاً " [ حسن / صحيح الجامع، 3493 ]، وتكون كل ركعتين بتسليمة، وذلك قبل الإقامة لصلاة العصر. ثم المكث في المصلى حتى تتلو أذكار المساء. واعلم أن هذه هي الصلاة الوحيدة التي أمر الله تعالى بالمحافظة على أدائها ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى ﴾ [ البقرة: 238 ].
24. استغلال وقت العصر إما في المكث في المسجد بعد صلاة العصر، وإما مع العائلة تجتمعون على درس يومي بقراءته من أحد الكتب ( في حدود صفحتين يوميا، ويفضل أن يكون في تفسير القرآن )، أو الاجتماع على تلاوة القرآن.
25. وبالنسبة للمرأة تحتسب الأجر أثناء إعداد طعام سريع للإفطار عليه، واستشعار قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من فطَّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً " [ صحيح / صحيح الجامع، 6415 ]، وقوله صلى الله عليه وسلم: " في كل ذات كبد حَرَّي أجر " [ صحيح / صحيح الجامع، 4263 ]، فتعدد نواياها ( إطعام طعام – إفطار صائم – تقوية أهلها على التعبد لله – تنشئة جيل جديد مسلم صحيح الجسم - ... الخ )، واستشعار أن ذلك قربة لله بإخلاص النية واحتساب الأجر فيها. ولا تسرف في هذا الإعداد لتحافظ على وقتها. وأثناء ذلك تقوم بمراجعة ما تحفظه من القرآن مع ملازمة ذكر الله والاستغفار والاستماع إلى أشرطة الدروس الدينية فهذا كله من العبادات.
26. احرص على أن تُفرّغ نفسك من المشاغل قبل المغرب، واغتنم هذه الفترة في الدعاء لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا ترد دعوتهم ... ومنهم: والصائم حتى يفطر " [ صحيح / صحيح سنن ابن ماجه، 1779 ]. ولا تنس المسلمين المستضعفين في كل مكان من الأرض من دعائك، فدعوة المسلم
لأخيه في ظهر الغيب مستجابة، وللداعي مثل ما دعا به لأخيه
مهجه- مراقب عام
-
عدد الرسائل : 2399
تاريخ التسجيل : 30/06/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى