نحن والنانوتكنولوجي
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ما رايك فى الموضوع ؟
نحن والنانوتكنولوجي
<div align="center">بقلم كيراكوس قيومجيان</div><div align="center"><br>الكويت <br><br> <br><br>شرد<br>ذهني فجأة وأخذني للوراء وذكرني بمواضيع كانت قد شغلت بالي بالماضي كثيراً<br>وطالما كنت تمنيت أن أكتب عنها فى حينه. حصل هذا عند قراءتي مقالاً<br>للدكتور أحمد أبو زيد بعنوان الثورة التكنولوجية الجديدة فى باب مستقبليات<br>فى مجلة العربي عدد أغسطس 2003. <br><br> <br><br>يذكر<br>الدكتور فى مقالته "العلماء فى الغرب واليابان منشغلون بعلم جديد يعرف<br>باسم النانوتكنولوجي، أي تكنولوجيا الأشياء الدقيقة والصغيرة للغاية وتعني<br>بلغة المقاييس جزء من البليون (وليس المليون) من المتر، وأنه سوف يتم<br>استخدام تلك التكنولوجيا فى مجالات عديدة منها أنه في عهد قريب جداً (وهنا<br>شرد ذهني) سوف يمكن زرع نوع من الرقائق النانوية (نسبة إلى كلمة نانو أي<br>القزم باللغة اللاتينية) في اللحاء المخي لدى الأطفال بحيث يصبح الدماغ<br>محملاً بمختلف أنواع المعلومات التى سوف يحتاج إليها الطفل فى سنوات<br>الدراسة، وأن ذلك سوف يؤدي إلى تغيير طبيعة العملية التعليمية بحيث تقتصر<br>على تفسير المعلومات المخزونة فى عقل الطفل بدلاً من الانشغال بحفظ<br>واستيعاب تلك المعلومات، كما هو حادث الان" انتهى الإقتباس. بكلمة أخرى<br>سيتم التدخل فى حكمة الخالق وتزويد أياً كان بالذكاء والقدرات العقلية<br>التي لم يشأ الخالق أن يمنحه إياها أصلاً، أي أنه اختراع قد يغير من طبيعة<br>البشر. <br><br> <br><br>وبدأت<br>أفكر كيف سيستقبل عالمنا نحن هذا الإختراع. واسترجعت الأمثلة المشابهة<br>التي أقامت الدنيا ولم تقعدها لعدة أشهر أو سنوات، وتصورت الجدل الواسع<br>الذي سيسببه هذا الموضوع بين رجال الدين بين بعضهم من جهة، وبينهم وبين<br>العلماء من جهة أخري. تصورت الاتهامات التي سوف يطلقها بعضهم على الغرب<br>متهمين إياهم بالكفر المبين والتدخل فى مشيئة الخالق وتوجيه عقل الطفل<br>وخاصة أطفال العرب والمسلمين بغير ما أراد الله لهم وأن هذه التكنولوجيا<br>اخترعت أصلاً لغايات خبيثة موجهة لنا لأسباب دينية أو لغايات إفساد<br>عاداتنا وتقاليدنا. <br><br> <br><br>لم<br>يكن سبب تخيلاتي تلك مجرد شطحة خيال فى ليلة صيف بل قفزة بالإستنتاج<br>واستباق الأحداث تستند على ما شاهدته أو قرأته فى الأربعين سنة الماضية<br>منذ وعى عقلي على الأحداث من حولى. من هذه الأحداث على سبيل المثال وليس<br>الحصر - وأذكرها عشوائياً - نزول الإنسان على سطح القمر وما صاحب ذلك<br>الحدث من استنكار واتهامات أعجبها تدنيس الأمريكان أحدي محرمات الخليقة،<br>ناهيك عن الاتهامات حول إخلال نظام الكون وأن ذلك فاتحة لكوارث قادمة من<br>غضب الله ثم جاء الجدل حول أطفال الأنابيب. حيث لم يمض بعد وقت طويل عن اليوم الذي عايشنا فيه<br>السجالات الطويلة الحامية التى جرت حول ولادة لويزا براون طفلة الأنابيب<br>الأولى، وعن وجوب أو عدم وجوب استخدام أسلوب تلقيح البويضات خارج الرحم. <br><br> <br><br>كما<br>أننا سمعنا من آباءنا وأجدادنا عن اللعنات التي صبوها على من اخترع الجهاز<br>الشيطاني المسمى بالمذياع، وكم من فتاوى التحريم التي صدرت بخصوص من<br>يستخدمه أو حتى من يستمع إليه، ولم يكن حظ التلفزيون أقل من المذياع ولم<br>يكن نصيبه من المسبات أقل نظراً لما يتسبب به من إفساد للأجيال الصاعدة<br>وتسفيه للأخلاق والقيم الإجتماعية. <br><br> <br><br>لن<br>أطيل عليكم بسرد النماذج عن الحالات المشابهة ولكن سأستذكر بشكل عابر بعض<br>المواضيع التى قوبلت بالكثير من التهويل ومنها مثلاً: نقل وزراعة الأعضاء،<br>الإستنساخ، الإنترنت، الفياجرا، الهندسة الوراثية، الخ. ومن الأمثلة<br>الإجتماعية ما يتعلق باللباس الغربي للرجال والنساء وتعليم<br>البنات والتعليم المختلط و الديمقراطية كنظام حكم وهناك مئات الأمثلة التي<br>أوجدت ظروفاً متشنجة بين الفرقاء المعارضين والمؤيدين لتلك المستجدات. <br><br> <br><br>إن<br>ما يدعو المراقب الفطن وما يخرج به من استنتاج أننا هنا في العالم الثالث<br>لم نستطع بأي حال منع أي من الإختراعات التى أتت من الغرب أو الشرق، ولم<br>نفلح في تعديل البعض منها بما يتناسب جوهرياً مع ما أسميناه قيمنا<br>الأصلية. لقد أقمنا ندوات وإجتماعات حضرها مئات العلماء والمتخصصين لبحث<br>مختلف التطورات العلمية ومدى صلاحيتها لمجتمعاتنا، وحتى تلك الإختراعات<br>التي استنكرناها ورفضناها سرعان ما أخذت مكانها بيننا بعد أقل من 20 سنة<br>فى أكثر الأحوال، وكل ما فعلناه أننا أجلنا عملية تسخير التكنولوجيا<br>ومنجزاتها وما يتمحض عن العلوم السياسية والاجتماعية لمدد متفاوتة بالطول<br>ولكننا في نهاية المطاف رضخنا لها رضوخ الحملان. <br><br> <br><br>إن أحفاد من عارضوا فكرة وجود المذياع في بيوتهم لديهم الآن أكثر الأجهزة تطوراً وأغلاها ثمناً وهذا ينطبق على التليفزيون. <br><br> <br><br>إن<br>أبناء الذين ظهروا فى الندوات أو على شاشات التليفزيون وعارضوا معارضة<br>مستميتة جواز استخدام الأنابيب للحصول على ذرية تضمن له استمرار النسل<br>اضطروا لاحقاً للإستعانة بالاختصاصين فى ميدان التلقيح الاصطناعي وتوفقوا<br>(افلحوا) بالانجاب، حينذاك فقط رفعوا أياديهم إلى السماء شاكرين الرب<br>لخلقه علماء استطاعوا بفضل هذا الابتكار تأمين الاستمرار لنسلهم وذريتهم<br>لأسباب أغلبها محض شخصية. <br><br> <br><br>جميع<br>من عارضوا الإنترنت (أقول الجميع وليس البعض) يستخدمونه اليوم على الأقل<br>لترويج ضرورة محاربة الإنترنت نفسه وفى الوقت ذاته يستخدمونه استخدامات لا<br>يعرفها الا الله. <br><br> <br><br>وخلاصة<br>القول أننا ننظر دائماً إلى تلك الإختراعات بعين الريبة والشك في أولها<br>ودون وجهها المشرق وبهذا نبدد فرصة أن نكون السباقين للإستفادة من تلك<br>الاختراعات وتسخيرها لنهضة شعوبنا المتخلفة. إننا برغم عدم مساهمتنا<br>ودعمنا ولو بقدر قليل فى إيجاد تلك الاكتشافات ترانا نعوق عملية نقل<br>التكنولوجيا لشعوبنا بحجج وادعاءات بعيدة كل البعد عن منطق التطور<br>والواقعية. <br><br> <br><br>وبدلاً<br>من ن أن نكون المبادرين السباقين لاحتضان أي من الاكتشافات الواعدة<br>وإثرائها ببعض عناصر التفوق المحلية لنا، وبدلاً من سن التشريعات المشجعة<br>للابداع والابتكارات نطفش علماءنا. وبدل أن نرصد مخصصات سخية لارسال بعثات<br>لاصطياد المكتشفات المفيدة ولو بالصين تجدنا آخر المهتمين وأقل الشعوب<br>استعجالاً. <br><br> <br><br>إننا<br>يجب أن نتعلم من دروس التاريخ وتطور الأحداث البعيد والقريب بأن أي مقاومة<br>لابتكار جديد لن تجدى بأي حال من الأحوال في حجبه عن مجتمعاتنا. المطلوب<br>منا ليس الرفض الأعمى لهذا المبتكر أو ذاك تحت ذرائع شتى بل الإستعداد له<br>أحسن استعداد للإستفادة منه أشد الاستفادة وبما يتناسب مع متطلبات التنمية<br>الاجتماعية والاقتصادية لبلداننا، وإذا شئت بأقل الأضرار على معتقداتنا<br>ومفاهيمنا (بعضها وهمية). نحن لا نستطيع الاستمتاع بأي تطور أو ازدهار<br>بدون قبول قاعدة تغيير لبعض ما في أنفسنا وما نشأنا عليه وهناك أقوال<br>وآيات صريحة فى الأديان تؤكد هذه الحقيقة، فلماذا الإنكار إذا؟ إنك لم<br>تحصل فى الماضي ولن تحصل فى المستقبل على أي مكاسب حضارية، ولا على أي<br>مقومات التمدن الحقيقية بدون التضحية ببعض النفائس لديك ... إنها سنة<br>الحياة ... واظن إن الوقت قد حان لاستيعابها. <br><br> <br><br>جريدة "القبس"، الكويت، 18 سبتمبر 2003<br><br>نشر هذا المقال أيضاً في جريدة "النهار" الصادرة في بيروت، عدد 5 نوفمبر 2003<br> <br></div><strong><span><br></span></strong>
رد: نحن والنانوتكنولوجي
شكرا على الموضوع الرائع
اسلام مجدى- نائب المدير العام
-
عدد الرسائل : 2224
Localisation : with my love
تاريخ التسجيل : 17/06/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى